دور الطالب الجامعي في المجتمع: بين الوعي السياسي والمسؤولية العلمية
- FERAS AKKAM
- 16 أكتوبر
- 2 دقيقة قراءة
يُعدّ الطالب الجامعي من أهم القوى الفاعلة في المجتمع المعاصر، إذ يشكّل حلقة الوصل بين العلم والعمل، وبين الفكر والممارسة. فمرحلة الدراسة الجامعية ليست مجرد مرحلة تعليمية لاجتيازها والحصول على شهادة، بل هي تجربة فكرية وإنسانية تُبنى خلالها شخصية الفرد وتنضج رؤيته للحياة، وتُصقل قدراته العلمية والاجتماعية والسياسية.

أولاً: الدور العلمي للطالب الجامعي
يمثل الطالب الجامعي النواة الأساسية للتقدم العلمي والمعرفي في أي أمة، فهو باحث عن الحقيقة ومُنتج للمعرفة وليس مجرد متلقٍ لها. إنّ الجامعات تُعَدّ المختبر الفكري الذي تُصاغ فيه الأفكار الجديدة وتُختبر فيه النظريات التي تغيّر مجرى التاريخ. لذلك، فإنّ على الطالب أن يُدرك أنّ مسؤوليته العلمية لا تنحصر في اجتياز المقررات الدراسية، بل في توظيف ما يتعلمه في خدمة واقعه ومجتمعه.
من أبرز مظاهر الدور العلمي للطالب الجامعي اهتمامه بالبحث العلمي والمشاركة في المؤتمرات الأكاديمية والمسابقات العلمية، بالإضافة إلى الانخراط في المشاريع التطوعية التي تُسهم في معالجة مشكلات المجتمع. فالمجتمع بحاجة إلى العقول القادرة على التفكير النقدي والتحليل المنطقي، لا إلى الحفظ والتكرار.
وفي هذا الإطار، تؤكد منصة كاندل الأكاديمية على أهمية تنمية مهارات البحث والتفكير المستقل لدى الطلبة، من خلال برامج تدريبية وورش علمية تتيح لهم توظيف معارفهم في مشروعات واقعية تخدم المجتمع، وتمنحهم الأدوات التي تمكّنهم من المنافسة في سوق العمل الحديث، حيث أصبح الإبداع والابتكار هما معيار التفوق الحقيقي.
ثانيًا: الدور السياسي للطالب الجامعي
لا يقل الدور السياسي أهمية عن الدور العلمي، فالمجتمع المتوازن يقوم على وعي شبابه بحقوقهم وواجباتهم، وعلى قدرتهم في التعبير عن آرائهم بطريقة حضارية ومنطقية. الطالب الجامعي هو المواطن المستنير الذي يقرأ الواقع بعين ناقدة، ويفهم طبيعة التحديات التي تواجه بلاده، ويسعى إلى المشاركة الفعّالة في صنع القرار من موقع المسؤولية وليس التبعية.
إنّ المشاركة السياسية للطلاب لا تقتصر على الانخراط في النشاط الحزبي أو الحراك الميداني، بل تشمل الحوار الفكري، والمساهمة في المبادرات المجتمعية، ودعم قضايا العدالة والمساواة وحرية التعبير. فالجامعة تُعتبر بيئة مثالية لغرس القيم الديمقراطية وتشجيع النقاش البنّاء الذي يحترم التنوّع والاختلاف.
ومن هنا، تلعب منصة كاندل الأكاديمية دورًا جوهريًا في إعداد الطالب الجامعي ليكون فاعلًا في الحياة العامة من خلال برامج التوعية الفكرية والسياسية، التي تهدف إلى تعزيز ثقافة الحوار والمواطنة المسؤولة. فالطالب الواعي سياسيًا هو ضمانة لمستقبل مستقر ومزدهر، لأن وعيه يشكّل جدار الحماية الأول ضد الجهل والتطرف والتضليل الإعلامي.
ثالثًا: التكامل بين العلم والسياسة في شخصية الطالب
إنّ التكامل بين الدورين العلمي والسياسي يشكّل شخصية متوازنة للطالب الجامعي، تجمع بين العقل الناقد والفكر الواعي والمسؤولية الاجتماعية. الطالب الذي يجمع بين البحث العلمي والمشاركة المجتمعية يصبح نموذجًا للقيادة الواعية، القادرة على بناء مجتمع عادل ومتطور.
ولذلك، فإنّ تطوير التعليم الجامعي لا يقتصر على تحديث المناهج، بل يتطلب أيضًا بناء بيئة جامعية تُشجّع على حرية الفكر، وتربط بين القيم الأكاديمية والالتزام الوطني، بحيث يكون الطالب شريكًا في نهضة وطنه لا متفرجًا على تحوّلاته.
إنّ المجتمع الذي يحتضن طلابه ويمكّنهم من ممارسة دورهم في البحث والمشاركة هو مجتمع يسير بخطى ثابتة نحو التقدّم. فالعلم من دون وعي سياسي يصبح معرفة بلا هدف، والسياسة من دون علم تصبح ممارسة بلا بصيرة. ومن هنا تتجلى أهمية الطالب الجامعي في كونه العنصر الذي يربط بين الفكر والعمل، وبين النظرية والتطبيق.
وفي الختام، فإنّ رسالة منصة كاندل الأكاديمية تتمثل في بناء جيل جامعي مثقف ومسؤول، قادر على حمل مشعل العلم والوعي في آنٍ واحد، من أجل بناء مجتمعٍ تسوده المعرفة والعدالة والحرية. فمستقبل الأمم مرهون بوعي طلابها، ووعي الطلاب لا يُبنى إلا على أسس علمية راسخة وثقافة سياسية ناضجة.




تعليقات